عدد المساهمات : 2052 تاريخ التسجيل : 13/09/2010 العمر : 30 الموقع : الاردن
موضوع: نهاية العالم في 2012 بين العِلم والأسطورة! الإثنين أكتوبر 04, 2010 11:11 pm
نهاية العالم في 2012 بين العِلم والأسطورة!
انتشرت على مدار السنوات الماضية عبر شبكة الإنترنت وفي العديد من وسائل الإعلام شائعة تقول أن العالم سينتهي في 21-12-2012!! وكلما اقتربنا من هذا التاريخ كلما زادت وتيرة هذه الإشاعات للدرجة التي اعتدنا فيها مشاهدة الأفلام والكتب والروايات التي تتحدث عن هذه النهاية الوشيكة للعالم!
ووصلت حمى نهاية العالم للدرجة التي دفعت وكالة الفضاء الأمريكية ناسا لنفي هذا الأمر بشكل رسمي وتخصيص صفحة على موقعها للإجابة عن التساؤلات التي أثارتها هذه الزوبعة!
يبدو الأمر سخيفاً لنا كمسلمين لأن الله -سبحانه وتعالى- أخبرنا في أكثر من آية بالقرآن الكريم أن الساعة لن تأتينا إلا بغتة كما قال في سورة محمد ” فهل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة فقد جاء أشراطها“. لكن بما أن الشائعة انتشرت لهذه الدرجة التي تنبئ بازدياد حاملةً ثوب العلم والمنطق، وجدت أن الأفضل هو الإجابة عليها بنفس الرداء الذي ارتدته وهو العلم والمنطق.
لذا سنحاول من خلال هذا الموضوع الذي يتكون من جزأين إلقاء الضوء على إشاعة نهاية العالم في 2012، مستعرضين الأدلة التي ساقها المؤيدون ثم مستعرضين الأدلة المعاكسة التي ساقها المعارضون.
ولنبدأ الحكاية من البداية..
بدأت القصة في سبعينات وثمانينات القرن الماضي عندما انتشرت شائعة تتحدث عن وجود كوكب غامض في المجموعة الشمسية، اكتشفه السومريون قديماً وأطلقوا عليه اسم “نيبيرو Nibiru”. هذا الكوكب يدور حول الشمس دورة كاملة كل 3600 سنة، وتقول الأسطورة أن هذا الكوكب سيمر بين الأرض والشمس في العام 2012، ويتسم هذا الكوكب بقوة مغناطيسية كبيرة ستتسبب في زلازل وفيضانات هائلة وتغييرات مفاجئة تقضي على أغلب سكان الكرة الأرضية! (يظن البعض أنه كان السبب في طوفان نوح –عليه السلام-!!)
ظهرت هذه النبوءة للمرة الأولى على يد الكاتب زيشاريا زيستيشن Zecharia Sitchin الذي نشر كتاباً عن الكوكب الحادي عشر، يقول فيه أنه حصل على وثائق سومرية تتحدث عن هذا الكوكب، ثم أكد البعض هذه المعلومة بعد اكتشاف ناسا لكوكب غامض سمته الكوكب X في العام 1983، وقال الكثيرون أنه الكوكب نيبيرو الذي اكتشفه السومريون!
فكانت أخبار هذا الكوكب بمثابة الحجر الذي أُلقي في بحيرة راكدة!
فقد التقت هذه المعلومات بظهور معلومة أخرى تتعلق بحضارة المايا. حيث كانت المايا من أعظم الحضارات الإنسانية التي اشتهرت بحساباتها الفلكية الدقيقة، وبراعتها في بناء المدن وتخطيطها (لنا حديث عن أحد مدنهم الأسطورية قريباً)، واشتهرت تلك الحضارة ببنائها للأهرامات والأبنية المدهشة:
وكانت أحد الإنجازات الهامة التي ابتكرها شعب المايا هي وضعهم لتقويم المايا، وهو عبارة عن سلسلة من الجداول الرياضية التي تتنبأ بالكوارث الجوية والأحداث الفلكية. ليس بناءاً على أساطير وخرافات، بل بناءاً على حسابات رياضية دقيقة!
لكن ما علاقة هذا التقويم بموضوعنا؟
أن هذا التقويم سينتهي في 21-12-2012! حيث يرى شعب المايا أن البشر يعيشون في دورات تمتد 5126 سنة، وبما أن اول ظهور لآخر سلالة من سلالات الإنسان كان في 3114 سنة قبل الميلاد (حسب اعتقادهم)، ستكون نهاية دورتهم الحالية في العام 2012!
ولم تنتهي الحكاية هنا، بل زادت سوءاً حين أعلنت ناسا أوائل العام الماضي عن إعصار شمسي قوي للغاية في العام 2012، قد يتسبب في أضرار تصل لترليونات الدولارات!!
وبعد كل ما سبق، اكتشف بعض هواة الفلك من مستخدمي الكومبيوتر أن برنامج Google Earth الشهير يُظهر منطقة سوداء في مكان معين من السماء كما في الصورة:
والغريب أنه ليس برنامج Google Earth فقط، بل كل البرامج التي تعرض صوراً للسماء! وهذه صورة لنفس المكان من برنامج Microsoft WorldWide Telescope:
النتيجة واحدة: مستطيل فارغ قال عنه مؤيدون نظرية نهاية العالم أنه مكان الكوكب نيبيرو الغامض، وأنه تم التعتيم على هذه المنطقة بأمر من الحكومة الأمريكية لإخفاء الحقيقة عن الناس!
انتشر على شبكة الإنترنت ايضاً بجانب هذه المعلومات، عدة صور لبعض الهواة، تُظهر وجود كوكب أو جرم سماوي قريب من الشمس، كما تشاهدون في هذه الصورة:
استخدم مؤيدو نظرية نهاية العالم هذه الصور أيضاً للدلالة على صدق ادعائهم بأن هناك ما يتم إخفاؤه عن البشرية جمعاء!
وبهذه الصورة نختتم تلك الإطلالة السريعة على أهم النقاط التي يستند إليها مؤيدو فكرة نهاية العالم في 21-12-2012، فأين هي الحقيقة في كل ما سبق؟!!
إذا كانت ناسا قد أعلنت بالفعل عن وجود كوكب غامض في العام 1983 فلماذا تنكر أنه نيبيرو؟!
وإذا كانت الحضارة السومرية حضارة عظيمة بالفعل، فكيف يمكن أن يخطؤوا في ادعاء هذا الكوكب؟!
وكذلك حضارة المايا. ألم يشتهر المايا بالفعل بتفوقهم في علم الفلك والرياضيات، ونجحوا في وضع تقويم استطاع توقع العديد من الأحداث الكبرى بالفعل، فلماذا لن يصدق تقويهم في هذا الحدث؟!
ولماذا تخفي جوجل وميكروسوفت هذا المكان المجهول في برامجها؟!
وما قصة تلك الصور التي تظهر كوكباً آخر بجوار الشمس؟!!
====================================
كانت الحضارة السومرية واحدة من أعظم حضارات بلاد ما بين النهرين، فما الذي يجعلنا نفترض أنها مخطئة بذكر الكوكب نيبيرو؟
إذا عدنا لأصل الشائعة، سنجد أن الوحيد الذي ذكر هذه المعلومة وروج لها هو كاتب الخيال العلمي زيشاريا زيستيشن Zecharia Sitchin من خلال رواياته المتعددة (خاصةً كتاب “الكوكب الثاني عشر” الذي نُشر في 1976)، حين قال أنه عثر على معلومات ترجمها من وثائق سومرية تتحدث عن هذا الكوكب وهذه الأسطورة بالشكل الذي شاهدناه المرة الماضية، ولكن هذه المعلومات من أساسها غير صحيحة بالمرة!
حيث أنكر هذه المعلومة كل الباحثين والمؤرخين الذين بحثوا في تاريخ الحضارة السومرية!! ولم يشاهد أحد هذه المعلومات سوى زيشاريا زيستيشن!
أضف إلى ذلك نقطة هامة جداً وهي أنه على الرغم من عظمة الحضارة السومرية، إلا أن تطورها كان في الزراعة والعمران والكتابة، بينما لم يكن لهم بالمقابل أي إنجاز يذكر في مجال الفلك، فمن أين لهم أن يصلوا إلى هكذا معلومة!!
ثم أضف إلى ذلك كله أن تلك الأسطورة (كما ذكرها الكاتب وكما أيدته فيها الروحانية نانسي ليدر) كان من المفترض أن تحدث في العام 2003، وعندما لم يحدث شيء تم تأجيلها للعام 2012! ولذا يبدو أنهم سيضطرون لتأجيلها إلى عام آخر أيضاً!
لكن حتى إن كان هذا الكلام صحيحاً، ولم تكن معلومة الحضارة السومرية صحيحة، أليس تقويم المايا الذي ينتهي في 2012 هو حقيقة مثبتة؟ وألم يكن شعب المايا بارعاً في الرياضيات والفلك ؟!!
نعم بالفعل تقويم المايا حقيقة، وبالفعل أيضاً ينتهي هذا التقويم في 21-12-2012، ولكن من قال أن انتهاء تقويم المايا يعني انتهاء العالم أو حدوث كارثة؟!
ولأقرب لكم الصورة أكثر، ماذا يحدث حين ينتهي التقويم الذي تعلقه على الحائط؟
تقلب الصفحة ليبدأ تقويم عام جديد بكل بساطة ولا تحدث أية كوراث! وهذا ما يحدث لتقويم المايا أيضاً. بمجرد انتهاء الدورة الزمنية المعتادة للمايا تبدأ دورة زمنية جديدة (مثل العام الجديد)، ولا يوجد في آثار المايا أي شيء يدل على حدوث كارثة عند انتهاء ذلك التاريخ أبداً!
لكن ألم تؤكد ناسا بالفعل اكتشاف كوكب غامض في العام 1983، فلماذا تنكر أنه الكوكب نيبيرو؟ لأن ما تم اكتشافه في أوائل الثمانينات كان بواسطة قمر صناعي تابع لناسا يصور باستخدام الأشعة تحت الحمراء ويحمل اسم IRAS، وتأكد العلماء بعد تحليل البيانات القادمة من القمر الصناعي أنها مجرد آثار لمجرات بعيدة، ولم يكن كوكباً على الإطلاق وتم نفي هذه الشائعة رسمياً حينها!
إن كانت تلك المعلومات غير صحيحة، ماذا عن الكوكب إيريس الذي ظهر في العام 2003؟ ألم تؤكد ناسا وجوده؟ لماذا تخفي أخباره الآن؟ ناسا لا تخفي أخبار الكوكب إيريس! كوكب إيريس هو كوكب قزم تم اكتشافه في العام 2003، وكلمة “قزم” تعني أنه ليس كوكباً كاملاً، لكنه جرم سماوي يدور حول الشمس ولكنه من الصغر بحيث أنه ليس له جاذبية تذكر على الكوكيبات التي حوله (مثل الكوكب بلوتو الذي تم طرده من قائمة كواكب المجموعة الشمسية!).
ولذا فهذا الكوكب ليس من الأهمية التي تستعدي أن تتتبع ناسا أخباره، خاصةً أن أقرب مسافة يمكن أن يصل إليها هذا الكوكب عن الأرض هي 4 مليار ميل!!
ويمكنكم معرفة المزيد عنه من هنا: إيريس-ويكيبيديا
ويمكنكم معرفة المزيد عن الكواكب القزمة من هنا: الكواكب القزمة-ويكيبيديا
وماذا عن التقرير الذي ذكرت فيه ناسا أن الأرض ستتعرض لعاصفة شمسية قوية ستسبب خسائر بالمليارات. ألن يؤدي ذلك إلى دمار الأرض؟
نعم هذا الخبر صحيح لكن لن يؤدي لدمار الأرض، لأن الاقتراب الشمسي هو ظاهرة طبيعية تحدث كل 11 سنة، وحدثت قبل ذلك في عام 2001 وتسببت في قطع بعض الاتصالات والتسبب في خسائر كذلك ولكن الحياة استمرت بشكل طبيعي بعدها، فلماذا نتوقع أن 2012 سيكون مختلفاً عن 2001؟!!
الخطر سيكون موجوداً بشكل ملفت على رواد الفضاء خارج غلاف كوكب الأرض الذي يحمينا، لكن بالنسبة لنا لا يوجد أي خطر كبير، وكل ما سيحدث هو انقطاع الاتصالات اللاسلكية وتأثر بعض الأقمار الصناعية الغير محمية من هذه الإشعاعات. فضلاً عن احتمال انقطاع الكهرباء في بعض المناطق في حالات نادرة.
وماذا عن تلك الصورة التي انتشرت على شبكة الإنترنت؟
ألا تظهر بالفعل جسماً مجهولاً قريباً من الشمس؟ وألا يتفق ذلك مع نظرية اختفاء الكوكب المجهول خلف الشمس؟ هذا الادعاء غير صحيح بالمرة لأن الجزء المضيء من الصورة هو تأثير يسمى توهج أو لمعان الإضاءة lens flare ، وهو تأثير شائع يحدث عند تصوير ضوء ساطع مواجه للكاميرا مثل الشمس (كما في الصورة).
وليس من المنطقي وجود جسم بهذا الحجم وهذا الوضوح بجانب الشمس بينما لا نستطيع التقاطه على الأرض بأي وسيلة!
لكن ما هو سبب إخفاء المنطقة التي توجد في الإحداثيات (5h 53m 27s”) من خريطة برنامج Google Earth وكل برامج خرائط السماء الأخرى؟ ألا يدل ذلك على وجود مؤامرة لإخفاء شيء ما في هذا المكان؟
المنطقة غير ظاهرة في كل برامج خرائط السماء لأن مصدرها واحد وهو Sloan Digital Survey، وما حدث هو وجود خطأ في برنامج معالجة الصور الذي قام بدمج الصور التي قام الماسح بجمعها. ولا يوجد هذا الخطأ هنا فقط، بل توجد عدة مناطق في السماء بهذا الشكل مثل الصورة في الأعلى للإحداثيات (13h 48m 0s)، فلماذا نفترض أن هذا المكان بالذات هو مكان اختباء الكوكب المزعوم؟!
وحتى إن كان هذا المكان مكان إخفاء شيء ما، فهل تكون الطريقة هي وضع مربع أسود يلفت الانتباه؟!
ثم أضف إلى ذلك أنه يمكن مشاهدة هذه المنطقة باستخدام التلسكوبات في أي مكان في العالم، فهل سيكون من المنطقي إخفاؤها في برنامج مثل Google Earth بينما يمكن لأي شخص يعمل في مجال علم الفلك مشاهدتها من أي مكان في العالم؟!!
ويبقى سؤال هام لكل من يدعون وجود مؤامرة حكومية لإخفاء هذه الحقيقة:
إذا كانت الحكومات قد أخفت هذه المعلومة فهل تستطيع إخفاء السماء كلها؟
كوكب بهذا الحجم وهذا القرب يجب أن يكون في مدى رؤيتنا الآن بالعين المجرد، وليس حتى بالتلسكوبات، فهل استطاعوا إخفاء الكوكب في السماء؟!!
وبهذا السؤال نكون قد ألقينا الضوء على أهم الأسئلة الشائعة التي انتشرت على شبكة الإنترنت وفي بعض وسائل الإعلام عن شائعة نهاية العالم في عام 2012.
وأخيراً، أعدكم بمفاجأة بخصوص هذا الموضوع من خلال استضافة عالمين كبيرين في عالم الإبداع قريباً إن شاء الله للتحدث عن هذا الموضوع والإجابة عن أي استفسارات أخرى لديكم. وحتى ذلك الحين يمكنكم مشاهدة هذا الفيديو للعالم الكبير ديفيد موريسون أخصائي علوم الفضاء في وكالة الفضاء الأمريكية ناسا يقوم بالرد فيها عن العديد من الأسئلة الشائعة عن هذه النظرية (باللغة الإنجليزية):